الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية المنصف بن مراد يكتب ـ حذار: كأن الحكومة في خدمة رأس الـمـال الـمــشــبـــــوه!

نشر في  19 أوت 2015  (11:20)

لماذا لم تهتمّ الحكومة بالعدالة الجبائيّة حتى لا يتحمّل الأجراء القسط الأوفر في تمويل خزينة الدولة؟ انّ الملاحظين على علم بأنّ عددا هامّا من أصحاب المهن الحرّة وكبار التجّار لا يصرّحون سوى بمرابيح ضئيلة في حين أنّ أغلبهم يجنون المليارات ويتهرّبون من واجبهم الجبائي ممّا يحرم الدولة من مداخيل تقدر سنويا بما بين 10.000 و15.000 مليار علما انّ بعض أصحاب المقاهي ومحلاّت المطاعم الفاخرة والمرطبات و«السندويتشات» لهم عائدات خيالية!
ثم هناك بارونات التهريب الذين لم يطالبهم أحد بدفع ولو مليم واحد رغم أنّهم يخربون الاقتصاد وجلهم يتعاملون مع الارهابيين أو مع حكومات أجنبية تدعمهم وتستغلهم للتأثير على القرارات الحكوميّة!
وهل ننسى كبار موزّعي «الفريب»؟ هل ساهم هؤلاء ولو مرة في تمويل الخزينة التونسية؟
انّ الدولة التونسية تتعامل مع عدد من الأثرياء بطريقة غريبة ولا تطبّق القانون ولم تضع حدّا للنظام الجبائي التوافقي (فورفيتار).. والجدير بالذكر انّ رجال أعمال ممتازين يؤدون هذا الواجب وهم من مفاخر بلادنا.. انّ الرأي العام ينتظر ان تؤسّس السلطات للعدالة الجبائيّة وإن بصفة تدريجيّة ولو انّ الحكومة لم تطبّق على نفسها سياسة تقشّفية مقنعة!
أمّا المثال الثاني فيتعلّق بشركة «سيفاكس» للخطوط الجوية التي يملكها النائب النهضوي في مجلس الشعب محمد فريخة.. فلقد أعلن عن توقّف نشاطها وهي مدينة بـ20 مليارا وديون أخرى لفائدة الشركات التي اقتنت منها طائرتها! وممّا لم يفت الرأي العام ملاحظته أنّ رئيس الحكومة قرّر بعد أربعة أيّام من زيارته لمقرّ النهضة،  تخصيص مجلس وزاري مضيّق لتدارس وضع الشركة قبل أن يتمّ ادراجها ضمن الشركات التي تمرّ بصعوبات مالية وذلك في مسعى لانقاذها! فلماذا هذا التسرّع والحال انّ هذه الشركة فتحت خطوطا جديدة واقتنت طائرات نقلت على متنها بعض البعثات الحزبيّة والإعلاميّة دون استشارة الحكومة؟! وإذا كان لابدّ من انقاذ هذه الشركة فبأي أموال ومن سيدفع الفاتورة!؟
أمّا بخصوص ما يناهز الـ800 مليار التي من المنتظر ان تقدّم للشركة التونسية للبنك ولبنك الاسكان، هل وقع التثبّت في من انتفعوا بالقروض وهل هناك امكانية لاستعادة البعض منها، علما انّ البنوك لا تقدّم ـ اليوم ـ الدعم الكافي للمؤسّسات الوسطى والصّغرى الاّ بعد الاستظهار بضمانات مادية، ثمّ وهل وقع التثبت في طريقة منح القروض والانتفاع بها؟
بهذا القرار الارتجالي والمدعوم من قبل البنك العالمي أصبح الشعب التونسي يتساءل عن الاختيارات الحكومية ذلك أنّ 800 مليار يمكن أن تموّل عددا هامّا من المشاريع في الولايات المهمّشة.

ولنمرّ الى مشروع المصالحة الذي يتعلق بعدد من رجال الأعمال ـ للتذكير فقد ابتزت بعض الأحزاب وخاصّة منها النافذة فئة من رجال الأعمال إذ قبضت عشرات المليارات وتلقّت الهدايا الفاخرة ـ واليوم هناك مشروع مصالحة قد ينتفع به كلّ رجال الأعمال الذين استغلوا علاقتهم مع النظام القديم للحصول على قروض أو امتيازات هامّة او حتى رخص او أراضي سياحيّة.. انّي ضدّ المحاسبة كما يتصوّرها البعض لأنّها ستكبّل الاقتصاد وستسمح بابتزازهم من جديد ولكنّي مع التثبّت وتقييم جدّي لهذه التجاوزات ثمّ توظيف كل الأموال المقدّرة لتنمية الولايات المحرومة أو الأحياء القصديرية حول كبرى المدن..
وماذا عن القرارات المعلنة لفائدة النزل التونسية بعد العملية الارهابيّة في سوسة؟ هل انّ كل الوحدات السياحية بحاجة الى هذا الدعم علما انّ  بعض النزل وقع بناؤها منذ 30 سنة وقد وفّرت لأصحابها أموالا طائلة.. لقد كان من الأجدى تحديد شروط واضحة لإنقاذ الوحدات المهدّدة بالافلاس، لكن تعميم هذا الدّعم يعتبر خطأ  بالنسبة للرأي العام.
انّ من أبرز مشاكل الحكومة التونسيّة انّه ليس لها رؤية وبرنامج طموح يجمع بين دعم المؤسسة واقرار العدالة الاجتماعيّة.. انّ تونس على الصّعيد الاقتصادي أشبه بسيارة محرّكها معطب وفي كل مرة تحاول السلطات دفعها في اتجاه مختلف دون تخطيط مقنع وبكثير من الترقيع...
فحذار! انّ آخر القرارات أو المشاريع الحكوميّة توحي بأنّها تقف مع رأس المال المشبوه فيه! فحذار ثم حذار!